نظرة موضوعية لإمتحانت كادر المعلم

[size=21]الذي حدث هو أن هناك قانون اتفق من يهمهم الأمر على تسميته بقانون "كادر المعلم". حدث أن وضع قانون مر بمراحله المنطقية والدستورية والتشريعية ، حيث بدء بفكرة جيدة، ثم أصبح عنصرا أساسيا من عناصر برنامج السيد الرئيس حسني مبارك الإنتخابي، فانتقل الى طور الصياغة والبلورة السليمة والواقعية ، فعرض على كثير من شرائح المجتمع للنقاش المجتمعي الواضح والصريح، الذي لا يبغي شيئا سوى الإرتقاء بوضع المعلم. حتى انتهى الأمر الى مجلس الشعب الذي أقر القانون بمواده المنشورة والمعروفة للجميع.
بعضنا، بل وأستطيع أن أجزم أن معظمنا، سواء عن قصد أو غير قصد، فهم الأمر من زاوية واحدة وهي الوضع المادي أو المالي فقط. وهذا فهم قاصر ونظرة غير موضوعية للقانون ، وكذلك تسطيح للأمور. لكن الأمر ، كما هو واضح وصريح، أكبر من مجرد وضع مالي، فالقانون يقول بتحسين وضع المعلم المالي والأدبي والمهني. نعم. كان يعيش المعلم وضعا ماديا قاسيا قبل المرحلة الأولى لتطبيق القانون، لكن لو فهم أي شخص أن تحسين وضع المعلم ماديا يكفي للرقي به وبمسنوى أدائه لكان ذلك فهما أقل ما يمكن أن يقال عنه أنه فهم ينم عن قصر نظر وعدم تعمق في الأمور, وأن القانون جاء "مُسكنا" وليس علاجا ناجعا لأكبر وأخطر مشكلة تواجه الشعب المصري في حاضره، الذي هو أساس لمستقبله ومستقبل الأجيال القادمة. فالإرتقاء بوضع المعلم لا يحدث إلا إذا طال المعلم من، من وجهة نظري، من زواياه الثلاثة: الزاوية المالية، الوضع العلمي الأكاديمي ، والوضع التربوي.
أما الوضع المادي المالي فقد بدأ بداية حقيقية بتطبيق المرحلة الأولى من "بدل المعلم" وهي نسبة الـ 50% من أساسي مرتب المعلم، وهي نقلة مادية طيبة؛ أحدثت ارتياحا عاما لدى المعلمين.
أما الوضع العلمي الأكاديمي، فهو مسئولية المعلم أمام نفسه، وطلابه، ومجتمعه. فعلى المعلم أن يكون على قدرعالٍ من التمكن العلمي والأكاديمي للمادة التي يدرسها، مادة تخصصه، التي تجعل منه مصدرا للعلم ومرجعا لطلابه يهتدون بنبراس علمه، ويسعون اليه طلبا للإستزادة من ذلك العلم الغزير.
والوضع التربوي لا يقل أهمية عن الوضع العلمي الأكاديمي، بل قد يفوقه إذا كان الأمر يتعلق بالتعامل مع معارف وعقول ومهارات ووجدان وسلوك البشر، الصغار قبل الكبار. هنا يأتي دور المعلم المتخصص في التدريس والتربية والتعليم. هنا يكمن سر تفوق المعلم على غيره ممن يمتهنون التعليم وهم لا يعلمون ولا يطبقون نظريات التعليم والتعلم تطبيقا صحيحا، بل يدعون، زورا وبهتانا، أن التعليم مهنة من لا مهنة له. وللاسف ثار كثير من المعلمين ضد اختبار الكادر ليعطوا هؤلاء الفرصة لكي يثبتوا نظريتهم بأن مهنة التعليم يمكن أن يدخلها أي شخص يعرف بعض المعلومات في تخصص ما، دون مجهود ولا عناء.
سألني كثير من المعلمين عن جدوى اختبار المعلمين، كل المعلمين، في اللغة العربية. وكانت الأسئلة كثيرة، من بينها:
· أنا معلم لغة انجليزية، ما علاقة اللغة الإنجليزية باللغة العربية؟
· أنا مصري ولساني عربي أصيل، هل يُعقل أن أختبر في اللغة العربية؟
· لماذا أُختبر في اللغة العربية، وأنا في هذه السن؟
الأسئلة كثيرة، وأحيانا مكررة. لكن الملفت للنظر أن الكثير ممن يسألون يتكلمون وهم ليسوا على استعداد لسماع الرد من أحد. بل يسألون وهم يريدونك أن تقول لهم: آمين. بعد كل كلمة ينطقون بها، وكل لفظ سيء يخرج من أفواههم. أي أن هناك سوء نية مبيت، وتعمد واضح لتجاهل الآخر، حتي ولوكان الآخر على حق. على كل حال كانت الأسئلة الاستنكارية كثيرة والهجوم الغير مبرر واسع وشرس.
بل وذهب الكثيرون الى اعتبار الاختبار مهانة للمعلم ووضعة في صورة سيئة أمام العالم. كيف يكون ذلك؟ تلقيت ردودا وحججا واهية، كنت محظوظا لسماعها، لا لأنها ردودا أقنعتني بصواب منطقهم، بل لأنها ردود تنم عن سطحية التفكير وقيلة الحيلة والعجز الواضح والنية السيئة، كما أسلفت.
قلنا أنه لا يمكن اعتبار المعلم معلما إلا إذا كان متمكنا من مادته العلمية وهي مجال تخصصه التي تؤهله للوقوف أمام تلاميذه ويضيف لعلمهم علما ولمعارفهم المزيد. وقلنا أنه لكي يكون المتخصص معلما تربويا ناجحا، لابد له من أن يكون ملما بنظريات التعليم والتعلم المختلفة واستراتيجيات التعليم الحديثة التي تجعل من المتعلم عنصرا فاعلا ومؤثرا يشارك في صنع تعلمه وليس هو الشخص السلبي الذي يقول لمعلمه سمعا وطاعة، هذا إن سمعه أساساً، فالشخص السلبي لا يضيف شيئا الى نفسه ولا يشارك في صنع موقف ايجابية مفيدة، وقد يكون مصدر قلق وازعاج في حجرة الدراسة.
ونأتي الى موضوع اختبار الجميع في اللغة العربية. أسوق لقارئي الموقر، بكل أمانة، ردي على محدثي ، وبادئا ذي بدء، أود أن يثبت في ذهن الجميع أن ردي كان اجتهادا شخصيا، وليس عن دراية بالأمور، ويشفع لي شيء واحد وهو تحمسي للاختبار، وفكرته ومكوناته. نحن نعلم جميعا أن هناك ما يعرف باتفاقية الجات GATT (General Agreement on Tariffs and Trade ) واتفاقيات عالمية أخرى تحتم على الدول الموقعة عليها فتح أبوابها وأسواقها أما السلع والخدمات العالمية المختلفة، هذا يؤدي بنا، ونحن عضو فاعل ومتفاعل مع المجتمع الدولي ولنا كياننا وسمعتنا الطيبة وثقلنا في العالم، الى الإلتزام بقوانين ارتضيناها أو نحن بصدد التوقيع عليها. ومن هذه الخدمات تأتي خدمة التعليم. والسؤال المفتاح والأساسي هنا: ماذا لو طلبت وزارة التربية والتعليم معلمين للعمل في مدارسها؟ هل سيقتصر الطرح على المعلمين من مصر فقط؟ هل ستكون هناك معايير للمصري ومعايير للعربي ومعايير لغير هاتين الفئتين؟ ماذا لو تقدم معلم من الصين أو المكسيك مثلاً؟ ماذا لونجح هذا المعلم ونال الوظيفة، ودخل مدرسة في قرية من قرى مصر أو في حي شعبي أو في حي راق؟ أعتقد أن ذكاء القاريء العزيز يسعفه بالإجابة:
1- سوف يجد المعلم الشاب المصري نفسه دون عمل.
2- سوف يتعلم أطفالنا لغة ولهجة المعلم الأجنبي.
3- سوف يكتسب أطفالنا ثقافة وسلوكيات واتجاهات ذلك المعلم. وهي ثقافة تختلف بالتأكيد عن ثقافتنا، بل وقد تكون معادية لها، وسلوكيات تحتاج الى وقفة إن كانت غريبة، وتحتاج الى فترة من الزمن لتفهمها إن كانت سليمة.
4- تصبح اللغة العربية غريبة في التعاملات بين أعضاء هيئة التدريس والأدارة بالمدرسة.
5- لن تكون هناك علاقة سوية بين المعلم وأولياء الأمور، لأن الوعاء الناقل لتلك العلاقة والعنصر الأساسي للإتصال-اللغة- مفقود.

وعندما يأتي اختبار الكادر ويضع شرطا أساسيا لتسكين المعلم على الدرجة المناسبة له والتي تليق بمكانته، ويضع المعلم الحديث أمام واقع لا مفر منه ألا وهو : اللغة العربية لغتنا ولغة أجدادنا ووعاء ثقافتنا وتراثنا وهي العزيزة علينا، فهي لغة القرآن، والبيان، هي شرفنا وعرضنا، نجد الأصوات المزعجة هنا وهناك تصرخ وتصم الآذان، مدعية أن هذا اجحاف ومهانة ومذلة للمعلم.
ومن هنا جاءت الفكرة العبقرية- حسب اجتهادي الشخصي- من الإختبار في اللغة العربية جزءا لا يتجزأ من اختبار كادرالمعلمْ؛ يحمي المعلم المصري والمدرسة المصرية والمجتمع المصري من اتفاقية قد تكون وبالا علينا في يوم من الأيام إذا لم نحتط لأنفسنا وكنا يقظين لما يدور حولنا من محاولات تسعى لطمس هويتنا، وإخراجنا من التاريخ والجغرافية.
تأتي الفكرة العبقرية لجعل اللغة العربية جزءا أساسيا في اختبار كادر المعلم، لكي تقول لمن يريد أن يدخل حلبة السباق: ها أنا قد اختبرت ابني وابنتي وأخي وأختي في اللغة العربية، فإن كنت راغبا في المنافسة، فليكن لك مالنا وعليك ما على ابن وبنت البلد، هذا هو العدل، أليس كذلك؟
كان النقاش طيبا بيني وبين البعض تمحورحول موضوع اختبار كادر المعلم. كان الحوار جيدا في بعض الأحيان، عقيما في معظمة، لا لأنني لم أكن قادرا على إقناع الزملاء، ولكن لأنهم جاءوا صامين أذانهم ومغلقين قلوبهم، عازمين على ألا يقتنعوا. لكنني مقتنع أنه سوف يأتي يوم يعترفون فيه بأهمية أن يظل المعلم المصري من أوائل معلمي العالم علميا وتربويا، يتمتع بالسمعة الطيبة والأخلاق السامية التي نشر بها، وسوف ينشر، العلم والنور واليقين في ربوع العالم عامة والعالم العربي خاصة ، يشهد بكفاءته القاصي والداني. بشرط أن يبدأ ذلك من مصـــروالمدرسة المصرية.

» أسئـلة شــائعــة عن كادر المعلم
» نتيجة كادر المعلمين 2009
» ادخل بسرعة و حمل امتحانات كادر المعلمين